شخصيات تاريخية مشكوك في وجودها
مفهوم الشخصية التاريخية
هي شخص تاريخي مشهور مثل كاترين العظيمة، أو أبراهام لنكولن، أو جورج واشنطن، أو نابليون.
غالبًا ما تكون أهمية هذه الشخصيات في التقدم البشري محل نقاش الكثيرين. إذ يعتقد البعض أنهم يلعبون دورًا حاسمًا في تشكيل تاريخنا، بينما يرى آخرون إن تأثيرهم ضئيل على الحركات الفكرية الكبيرة والمُغيرة اجتماعيًا. يُستخدم هذا المصطلح بشكل عام بمعنى أن الشخص المذكور كان موجودًا بالفعل في الماضي، وليس مجرد أسطورة. ومع ذلك، قد يكون من الصعب التمييز بين الحقائق والأساطير التي يمكن أن تتكون عن هذه الشخصيات التاريخية. في الأغلب تكون المصادر غير مكتملة وقد تكون غير دقيقة، خاصة تلك التي تعود إلى فترات مبكرة من التاريخ. بدون مجموعة من المستندات الشخصية، فلا يمكن إلا تخمين الجوانب الشخصية الأكثر دقة للشخصيات التاريخية. أما بخصوص الشخصيات التاريخية التي كانت أيضًا شخصيات دينية، فقد تكون محاولات فصل الحقيقة عن الإيمان مثيرة للجدل.
في العملية التعليمية، قد يؤدي تقديم المعلومات كما لو كان يتم سردها بواسطة شخصية تاريخية إلى تأثير أكبر على متلقيها. غالبًا منذ الأزمنة الكلاسيكية كان يُطلب من الطلاب أن يضعوا أنفسهم في مكان شخصية تاريخية كوسيلة لإحياء التاريخ. غالبًا ما تُمثل الشخصيات التاريخية في الأعمال الخيالية، حيث يحدث جمع بين الواقع والخيال. في التقاليد السابقة قبل ظهور تقليد تاريخي نقدي، لم يهتم المؤلفون بالدقة عند وصف ما يعرفونه عن الشخصيات التاريخية وأفعالهم، خالقين عناصر وهمية تهدف إلى خدمة غرض أخلاقي للأحداث: مثل راهب رواية سانت غال التي تسرد قصة شارلمان، ويطلق عليها اسم «دي كارولو ماغو». في الآونة الأخيرة، كان هناك ميل مرة أخرى لدى الأدباء للابتعاد بقصد عن الحقائق عندما تتعارض مع أهدافهم الإبداعية.
استطاعت بعض الأسماء أن تضاهي سطوة الزمن، لتحتفظ بقيمتها وتظل بارزة في التاريخ إلى اليوم… هذه الأسماء تشكل أبعاد التاريخ الإنساني، وتقف فيه كمحطات بارزة لا يقوم دونها.
غير أن بعضها -على أهميته-، لسنا متأكدين من أن ثمة شخصيات حملتها فعليا… وهذا الشك هو الذي نتابعه في هذا الملف، الذي نفرده لـ5 شخصيات مشهورة تاريخيا يحف الشك وجودها.
ويليام شيكسبير
عاش شيكسبير بين القرنين 16 و17م، ويعد تاريخيا أعظم أدباء إنجلترا على الإطلاق. كتب أعمالا عديدة توصف بالخالدة، توزعت بين المسرح والشعر، من بين أشهرها روميو وجولييت، وقد ترجمت أعماله هذه إلى كل اللغات الحية.
رغم مكانة شيكسبير في الأدب، إلا أن البعض يشكك في وجوده. يقول هؤلاء إن أعماله ليست سوى منسوبة إليه، وإنها في الحقيقة لشخص أو أشخاص آخرين، حملوها اسم ويليام شيكسبير ككاتب لها… لسبب ما نجهله.
هذه النظرية ظهرت في منتصف القرن 19م، حينما بدأ البعض يصف شيكسبير بكونه أعظم كاتب في التاريخ، علما أن شكسبير عاش خلال القرنين الـ16 و17م.
حسب مصطفى فهمي، الباحث المغربي الكندي المتخصص في شكسبير، فإن الأسماء المرشحة لأن تكون المؤلفة الحقيقية لأعمال شكسبير يصل عددها لـ 76 شخصا.
يرى هؤلاء أن سمو سمعة شكسبير يتعارض مع مستواه الاجتماعي المتواضع؛ ففي حين كان للحس الأرستقراطي حضور بارز في أعماله، لا تفصح سيرة حياته عن أي ألفة بذلك أو بالبلاط الملكي.
لكن ليس لدى هؤلاء أي أدلة دامغة، وغالبا ما يتم تجاهل نظريتهم، التي يعتبرها دارسو شكسبير ومؤرخو الأدب عامة، مجرد ادعاء لبيع ما يكتب عنها بالنظر إلى مكانة شكسبير في الأدب الإنجليزي.
حسب مصطفي فهمي ، الباحث المغربي الكندي المتخصص في شكسبير، فإن الأسماء المرشحة لأن تكون المؤلفة الحقيقية لأعمال شكسبير يصل عددها لـ 76 شخصا من ضمنهم سير فرانسيس باكون، الملكة إيليزابيت الأولى، The Earl of Oxford، The Earl of Derby، وغيرهم… هذا العدد الكبير في حد ذاته، حسب فهمي، دليل على عبثية نظرية مفندي وجود شكسبير.
فهمي يشير إلى أن كل هذه الأسماء هي لأشخاص من الطبقات الراقية لأن عقلية العديد من الإنجليز، إلى غاية اليوم، ما زالت تعتمد التصنيفات الاجتماعية كمعيار… وبالتالي، يصعب عليها، حسب مصطفى فهمي، أن تتقبل كون أهم كاتب باللغة الإنجليزية ومفخرة بريطانيا العظمى… ليس أرستقراطيا، إنما هو شخص عادي من عامة الشعب.
فيثاغورس
عاش فيثاغورس بين القرنين الخامس والسادس ق.م، ويوصف بكونه فيلسوف ورياضي اشتهر بمعادلة شهيرة تحمل اسمه.
دون التعرض إلى حياته، ما وصلنا عن فيثاغورس مؤكد تاريخيا أنه كتب قرونا بعد وفاته، بل ولا توجد أي معلومات موثقة حول أفكاره وأعماله… لذا، يشكك البعض في وجوده.
آمن الإغريق القدامى بأن هوميروس شخصية تاريخية، بيد أنه لا توجد بحوزتنا اليوم أي ترجمة موثوقة له تعود إلى الحقبة الكلاسيكية.
ما وصلنا عنه كان من قبل أتباعه، الذين يلقبون أنفسهم بالفيثاغورسيين، وبعضه تحفه الكثير من الأسطورة، مثل أن فخذه كانت من ذهب أو أنه ابن “الإله” أبولو.
هكذا، ربما لا يكون فيثاغورس سوى شخصية خيالية ابتكرها أتباعه، وهم في الغالب طائفة دينية كانت مهووسة بالأعداد.
هوميروس
عاش هوميروس في القرن الثامن ق.م أو هكذا يفترض. كان شاعرا إغريقيا، إليه تنسب الملحمتان الشهيرتان الإلياذة والأوديسة… الإلياذة، بالمناسبة، يعتبرها البعض أقدم نص أدبي مكتوب في الأدب الغربي.
آمن الإغريق القدامى بكونه شخصية تاريخية، بيد أنه لا توجد بحوزتنا اليوم أي ترجمة موثوقة له تعود إلى الحقبة الكلاسيكية.
المعلومات عن حياته غير متوفرة، وحتى ما قيل عن كونه أعمى غير مؤكد… وهذا ما يجعل البعض يشكك في وجوده.
بعض النظريات تقول إن هوميروس ليس كاتب الملحمتين، وإنه شخصية اخترعت بغاية توحيد الأساطير والملاحم التي تناقلتها الأجيال شفهيا، على اسم كاتب واحد.
وحتى إذا كان موجودا فعلا، وعلى فرض أنه الكاتب، فإنه بزعم هؤلاء، لم يكن الكاتب الوحيد للملحمتين.
روبن هود
أغلب الإشارات إلى روبن هود تعود إلى القرن الـ13م. يذكر بوصفه فارسا شجاعا، رامي سهام بارع، ومارقا على القانون، يسلب الأغنياء ويسرقهم ليطعم الفقراء، محاربا في ذلك الظلم والاستبداد، على نحو جعله من أشهر الشخصيات في الفلكلور الإنجليزي.
لكن الروايات عن روبن هود تختلف من فترة تاريخية لأخرى، وقد ورد في كثير من الأعمال الأدبية في التاريخ الإنجليزي… لكن هل كان موجودا فعليا؟
كغيره من أغلب شعراء ما قبل ظهور الإسلام، تنعدم أي دلائل مادية على امرئ القيس؛ فالثقافة التي حافظت على إرثه كانت شفهية… لذا، يشكك البعض في وجوده.
تارة قيل إنه من عامة الشعب، وتارة من النبلاء قبل أن يمرق على القانون، تارة هو من فرسان المعبد، وتارة أحد حكام اسكتلندا… وغير هذا من الروايات عديد، لكن لا بحث تاريخي قاد إلى هويته الحقيقية.
هكذا، ربما لا يكون روبن هود، وفق مؤرخين عدة، سوى أسطورة، تتجلى في خرافة شعبية تتحدث عن مقاومة الظلم والاستبداد.
امرؤ القيس
يفترض أنه عاش في النصف الأول من القرن الـ5م، ويوضع، وما يزال، على رأس الشعراء العرب منذ وجدوا. اشتهر بامرئ القيس، لكن المصادر اختلفت في اسمه؛ فتارة يرد جندح اسما حقيقيا له، وتارات أخرى حندج ومليكة وعدي، وهو من قبيلة كندة.
كغيره من أغلب شعراء ما قبل ظهور الإسلام، تنعدم أي دلائل مادية عليه؛ فالثقافة التي حافظت على إرثه كانت شفهية… لذا، يشكك البعض في وجوده.
أول إشارة إلى امرئ القيس وردت لدى الإخباري ابن السائب الكلبي. لكن بعض الكتابات توضح كيف ورد في المراجع البيزنطية الكلاسيكية، حيث تذكر شخصا اسمه كايسوس من قبيلة كندة.
يعد الأديب المصري طه حسين أبرز من شككوا في الشعر “الجاهلي”، واعتبر غالبيته منحولا بعد ظهور الإسلام لأسباب سياسية أساسا؛ ذلك أن معظمه يمثل حياة المسلمين ولا يمثل حياة “الجاهليين” في شيء على حد رأيه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق